تهديد بيونغ يانغ لواشنط هو تهديد جدي؟؟

.. حقائق التلويح الكوري بالسلاح النووي
.:
يدرك الأمريكيين قبل غيرهم وبحسب دراساتهم بأن تفجير 100 قنبلة نووية في يوم واحد, سيكون بداية نهاية البشرية على الأرض, وبالتالي من المسلمات أنه لايوجد حروب نووية واسعه النطاق, وجنحت واشنطن الى تطوير الأسلحة التقليدية, والقنابل الذكية, في حين موسكو كذلك سارت في تطوير أسلحة تقليدية, وتخطت واشنطن حين تمكن العلماء الروس من صنع قنبلة فراغية تعادل في قوتها قنبلة ذرية كالقنبلة التي رميت على هيروشيما من قبل الأمريكيين أبان الحرب العالمية الثانية, بالتزامن مع سباق تسلح نووي غير مسبوق بعد أن كشفت الصين عن بعض ما لديها وطورت موسكو منظومات صواريخها.
وكوريا الديمقراطية التي خسرت في الحرب مع واشنطن جزئها الجنوبي على إثر إنزال أمريكي قسم كوريا الى قسمين وخلق دولة جديدةأصبحت أمر واقع تدعى كوريا الجنوبية تعيش حالة حرب مع واشنطن والجزء المحتل من أراضيها عبر عقود طويلة, والتلويح بالحرب النووية بين الكوريتيين تفاقم أكثر من مرة في العقود الماضية, ولكن لأول مرة في تاريخ الصراع تلوح كوريا الديمقراطية بقصف الولايات المتحدة الأمريكية بالسلاح النووي كرد على الإستفزازات الأمريكيةالمستجدة بشكل دوري منذ قيام الإستخبارات الأمريكية بإغراق بارجة كوريا جنوبية وإتهام بيونغ يانغ بقصفها, ولكن الحزم الكوري تجاه الولايات المتحدة الأمريكية دفنالإستفزاز الأمريكي في حينها,وتراجعت واشنطن وأساطيلها عن التلويح بالحرب ولكن إستمر الإستفزاز بالمناورات, حتى وصل الإستفزاز الأمريكي الى ذروته بعد العديد من المناورات العسكرية الأمريكية في كوريا الجنوبية ليأتي رد فعل من كوريا الديمقراطية يمكن وصفه بالغير متوقع حيث هددت كوريا الديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية بالسلاح النووي وذلك بعد نجاحها بإطلاق صاروخ فضائي بعيد المدى, وهي تدرك جيداً أن هذا التهديد هو الوحيد القادر على ردع واشنطن في ظل أزمتها ولا يمكن لواشنطن أن ترد عليه,حيث أن شن حرب تقليدية من قبل واشنطن على كوريا الديمقراطية سيرد عليه بالسلاح النووي الذي لن تتمكن واشنطن من الرد عليه, وبل تدرك بيونغ يانغ أن مجرد قصف تل أبيب بصاروخ نووي واحد, سيحول الحرب الأمريكية المفترضة على كوريا الديمقراطية الى تجارة خاسرة بكل معنى الكلمة.
هي الحقيقية لأن الهجوم النووي الكوري على واشنطن لا يمكن إعتباره حرباً صينية, ولكن الرد على بيونغ يانغ هوحرب نووية عالمية لا يمكن لواشنطن أن تفكر بها, وبالتالي حققت بيونغ يانغ أمام الأسلحة الأمريكية المتطورة توازن رعب, تدرك واشنطن تماماً أنها غير قادرة على دفع فاتورته.
ومن مفارقة الأزمة الكورية أنها بشكل غير مباشر إرتبطتبأزمة الشرق الأوسط, فأي حرب شاملة في الشرق الأوسط ستنتقل الى الكوريتيين وأي حرب في الكوريتيين ستنتقل الى الشرقالأوسط, والإستفزاز الأمريكي لكوريا الديمقراطية هو جزء منالصراع بين العالم متعدد الأقطاب وعالم القطب الواحد, حيث أن الإستفزازات الأمريكية لكوريا الديمقراطية ليست سوى جزء من التلويح بالأوراق (أوراق العصا المكسورة) للتفاوض, والحاجةالأمريكية لإحتلال كوريا الديمقراطية لها عدة أسباب حيث أن إحتلال كوريا الديمقراطية يوصل واشنطن الى ممر الى الحدود الروسية الصينية, ويعزز وجود القوات الأمريكية في آسيا علماً بأن جزء كبير من الإستفزازات الأمريكية بهدف تخفيف الضغط عن حكومتي اليابان وكوريا الجنوبية مع تزايد المطالب الشعبيه بإخراج القوات الأمريكية, ويضاف الى ذلك كون كوريا الديمقراطية جزء أساسي من الردع الروسيوالصيني على القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة, ويضاف إليهم أن الحصار الأمريكي على كوريا الديمقراطية إنعكس على مصالح واشنطن في الشرق الأوسط, وتعتقد واشنطن وتل أبيب أن كوريا الديمقراطية تصنع صواريخها في إيران وسورية وتبيع تقنيات صناعه الصواريخ مقابل الأغذية والتقنيات المعلوماتية, وكان لكوريا الديمقراطية دور أساسي في خلق توازن الرعب في المنطقة بين محور المقاومة والكيان الصهيوني, حيث ساعدت سورية بصناعه صواريخ مرعبة وتحصينات أكثر رعباً من الصواريخ التي تحويها.
وكون الإستفزاز الأمريكي لبيونغ يانغ والتهديد المتكرر جزء أساسي منه هو الوصول الى الحدود الروسية الصينية, وكون واشنطن تمكنت سابقاً من إشعال هذه الحدود بسبب سكة قطار وأخرجت الصين من عباءة الإتحاد السوفيتي, وكون العالم يعيش حرب كونية غير معلنة شهدتسباق تسلح حقيقي شاركت به الصين لأول مرة, فلا يمكن قراءة الرد الكوري الديمقراطي على الإستفزازات الأمريكية بعيداً عن الضوء الأخضر الصيني الروسي, وبحسب المصادر فإن التهديدهو تهديد جدي بكل ما تعني الكلمة من معنى, وإستبعدت المصادر أن يتحول التهديد النووي الى تهديد واقعي لأن واشنطن في نهاية المطاف سترضخ لعالم متعدد الأقطاب, ولكن في حال إستمر الأمريكي بالتلويح بالعصا المكسورة في الكثير من الملفات لن تتوانى موسكو وبكين من التليوح بعصي فولاذية, ولكنحتى نهاية الشهر القادم يمكن لأي خطأ صغير أن يشعل حرباً كبيرة, فالعالم يعيش على شفا الهاوية في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط, وأصبح الآن يعيش على حافة الكوريتين.
ومن أهم المفارقات التي حدثت بعد التهديد الكوري الديمقراطي لواشنطن, هو بدء الرد الروسي على الخطواتالتي قامت بها واشنطن منجانب واحد, فبعد صمت روسي طويل على تصريحات واشنطن عن نيتها إبقاء قواتها في أفغانستان بعد العام 2014 ودخولها في مفاوضات مع حركة طالبان في الدوحة من طرف واحد, لأول مرة بدأ وزير الخارجية الروسي بحث مستقبل أفغانستان بعد خروج القوات الأجنبية من ذلك البلد, وبحث لافروف مع الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف ما سميّ إحتمال تفاقم خطر الإرهاب والمخدرات من الجانب الأفغانيبعد خروج القوات الدولية من أفغانستان, وهذا يعني أن موسكو تستعد لهروب الناتو من أفغانستان وليس خروجه بالإتفاق مع دول الجوار, فهل ستسارع واشنطن في الأسابيع القادمة الى العودة للرشد أم ستكرر أخطاء سابقة, فمن الواضح أن ما بدأ في كوريا وسيبدأ في سورية ليس جس نبض على الإطلاق بل هو ضمن سياسة فرض الأمر الواقع الذي يغمض الأمريكي عينيه عنه حقيقته.